بسم الله الرحمن الرحيم
ده تفسير الايه
: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاًِ ) الإسراء : 70.
كرمنا تضعيف كرم، أي جعلنا لهم كرماً أي شرفاً وفضلاً. وهذا هو كرم نفي النقصان لا كرم المال.
وهذه الكرامة يدخل فيها:
خلقهم على هذه الهيئة في امتداد القامة وحسن الصورة.
وحملهم في البر والبحر مما لا يصح لحيوان سوى بني آدم أن يكون يتحمل بإرادته وقصده وتدبيره.
وتخصيصهم بما خصهم به من المطاعم والمشارب والملابس، وهذا لا يتسع فيه حيوان اتساع بني
آدم، لأنهم يكسبون المال خاصة دون الحيوان، ويلبسون الثياب ويأكلون المركبات من الأطعمة.
وغاية كل حيوان يأكل لحماً نيئاً أو طعاماً غير مركب.
وحكى الطبري عن جماعة أن التفضيل هو أن يأكل بيده وسائر الحيوان بالفم.
وقال الضحاك : كرمهم بالنطق والتمييز.
وقال عطاء : كرمهم بتعديل القامة وامتدادها.
وقال يمان : بحسن الصورة.
وقال محمد بن كعب : بأن جعل محمداً منهم.
وقيل : أكرم الرجال باللحى والنساء بالذوائب.
وقال محمد بن جرير الطبري : بتسليطهم على سائر الخلق، وتسخير سائر الخلق لهم.
وقيل: بالكلام والخط.
وقيل: بالفهم والتمييز.
والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم
كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله، إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد بعثت الرسل
وأنزلت الكتب.
وما تقدم من الأقوال بعضه أقوى من بعض. وقد جعل الله في بعض الحيوان خصالاً يفضل بها ابن آدم
أيضاً كجري الفرس وسمعه وإبصاره، وقوة الفيل، وشجاعة الأسد ، وكرم الديك. وإنما التكريم
والتفضيل بالعقل كما بيناه. والله أعلم. اهـ ملخصاً تفسير القرطبي.